سبعة يظلهم الله في ظلّه يوم لا ظل إلاظله
[size=29]عن أبي هريرة رضي الله عنه قال :
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :
(سبعة يظلهم الله في ظلّه يوم لا ظل إلاظله: إمام عادل، وشاب نشأ في عبادة الله،
ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقاعليه، ورجل ذكر الله خالياً ففاضت عيناه،
ورجل قلبه معلق بالمساجد،
ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه،
ورجل دعته امرأة
ذات منصب وجمال فقال: إني أخاف الله رب العالمين )
أخرجه البخاري ومسلم .
يخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث أنه في يوم القيامة
يوم العرض على الله عندما تدنوا الشمسمن الرؤوس ويبلغ الكرب من النفوس
مبلغاً لا يعلمه إلا الله فلا ظل ولا شجر ولا شئيقي من حر الشمس الدانية من الرؤوس
...حينها يتنزل الله نزولاً يليق بجلاله، علىعرشه،
ويحمل عرشه ثمانية من الملائكة، وهو مستو على عرشه،
استواء يليق بجلاله ..فإذا تنزّل، نادى بصوت يسمعه من قرُب
كما يسمعه من بعد ويقول عز وجل كما جاء في الحديث الذي أخرجه البخاري
(أنا الملك أين ملوك الأرض ) ويقول عز وجل كما جاء في حديث آخر
(لمن الملك اليوم ؟لمن الملك اليوم ؟ )
فيجيب نفسه بنفسه فيقول: (لله الواحد القهار)
..في ذلك الموقف العظيم الذي يجتمع فيه الأولين والآخرين
لا ظل إلا ظل عرش الله وهناك مجموعه من الناس اختصهم الله
بالاستظلال بظل العرش
فمنهم هؤلاء ؟؟هؤلاء هم من ذكرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم
في الحديث السابق وهم سبعة أصناف ...
أولهم: إمام عادل
وهو من عدل في رعيته وحكم فيهم بكتاب الله وسنة رسوله
سواء كان أمير عامة أو أمير خاصة كما يقول ابن تيمية .
.حتى أن بعض أهل العلم يقول: من عدل بين طالبين فهو إمام عادل
فإذا قام الأستاذ بامتحان طالبين فعدل بينهما فهو من هؤلاء السبعة ..
إذن فالإمام العادل يكون في أي مكان في البيت وفي المدرسة
وفي العمل ....
الثاني : شاب نشأ في عبادة الله..
فلا يعرف إلا القرآن ولا يعرف إلا ذكر الله تعالى ،
وقد خص الشاب بالذكر لأنه مظنة غلبة الهوى والشهوة والطيش
فكانت ملازمته للعبادة مع وجود الصوارف أرفع درجة من ملازمة غيره لها .
.
الثالث : رجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه..
أي كان اجتماعهما بسبب المحبة في الله تعالى لا لمصلحة دنيوية
لا لتجارة ولا لمكسب ولالواسطة أو منفعة ثم تفرقا عليه
أي فارق أحدهما صاحبه لأي سبب كسفر أو موت
وهما لايزالان متحابان في الله ...
وفي الحديث (أن رجلاً خرج من قرية إلى قرية يزور أخاً له في الله،
فأرصد الله على مدرجته ملكاً من الملائكة، فلما مر الرجل قال له الملك:
أين تريد ؟ قال : أريد أخاً لي في الله . قال :هل له من نعمة عليك تربُّها ؟
قال :لا غير أني أحببته في الله . فقال : فأنا رسول الله إليك
(يعني ملكاً أرسله الله ) بأن الله قد أحبك كما أحببته فيه)
أخرجه مسلم وأحمد ولذلك جاء عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال:
(قال الله تبارك وتعالى: وجبت محبتي للمتحابين فيّ ،
والمتزاورين فيّ، والمتجالسين فيّ )
حديث صحيح .
الرابع: رجل ذكر الله خالياً ففاضت عيناه..
وهذا دليل الإخلاص فذكره لله خاليا أي لا يكون عنده أحد
فيكون أبعدعن الشبهة وعن الرياء والسمعة .
وذكر الله لا يلزم أن يكون تسبيحاً وتكبيراً وتحميداً وتهليلاً في الخلوة
ولكن يقول بعض أهل العلم : من رأى مبتلى فدمعت عيناه
فهو من الذاكرين الله لأن من المبتلين إذا رآهم المؤمن تدمع عيناه
لأنه يذكر نعمةالله عليه فهذا كأنه ذكر الله بلسانه .
وكذلك قد تدمع عينه في الخلوة حينما يتذكرذنوبه وخطاياه ..
يقول ابن القيم :قال تقي الدين بن شطير: خرجت يوماً من الأيام وراءابن تيمية،
فمضى شيخ الإسلام في طريقه بحيث أراه ولا يراني.قال :
فانتهى إلى مكان فرأيته وقد رفع طرفه إلى السماء وقال:
لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد
وهو على كل شئ قدير ثم بكى ثم قال:
وأخرج من بين البيوت لعلني ..أحدث عنك النفس بالسر خالياً
الخامس : رجل قلبه معلّق بالمساجد
فالمساجد بيوت الله ومكان آداء العبادات المفروضة وميدان العلم
والتعلم فالمتعلق بالمسجد بعيد عم رؤية المنكرات وقريب من الله تعالى
فيصفو قلبه وتنجلي همومه وأكداره ويعيش في روضة من رياض الجنة
وبذلك تكفر سيئاته وتكثر حسناته وقد قال تعالى
( في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدووالآصال *
رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة
يخافون يوماً تتقلب فيه القلوب والأبصار *ليجزيهم الله أحسن
ما عملوا ويزيدهم منفضله ) سورة النور
وكان صلى الله عليه وسلم كما تقول عاشة رضي لله عنها:
يشتغل فيمهنة أهله يقطع مع أهله اللحم ويخصف نعله ويرقع ثوبه
ويحلب شاته ويكنس بيته وهوأشرف الخلق ..وتقول عائشة :
فإذا سمع الله أكبر ،قام من مجلسنا كأننا لا نعرفه ولايعرفنا ....
السادس : رجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ماأنفقت يمينه
والمعنى أن المراد من إخفائه للصدقة أي لا يعلم بها إلا الله
عزوجل فالصدقة فضلها كبير وأجرها عظيم ومضاعف
ومكفرة للسيئات قال تعالى
( إن تبدواالصدقات فنعمّاهي وإن تخفوها وتؤتوها الفقراء
فهو خير لكم ويكفر عنكم من سيئاتكموالله بما تعملون خبير )
سورة البقرة .
.وذُكر أن علي بن الحسين زين العابدين كان يخرج في آخر الليل
فيأخذ من الدقيق ومن السمن ومن الزبيب على ظهره ويمر على
فقراءالمدينة ويعطيهم في ظلام الليل بحيث لا يراه إلا الله .
فلما مات وجاء الناس يغسلونه وجدوا أثر خيوط الحبال على كتفه
.فسألوا أهله ماله ؟ قالوا هذا من كثرة ما كان يحملمن الدقيق
ومن التمر والزبيب ويوزع على فقراء المدينة كلهم
فهذا من الذين أخفواصدقاتهم بحيث لا يراهم إلا الله عز وجل
السابع : رجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال:
إني أخاف الله رب العالمين
أي طلبته للفاحشة وهي ذات منصب أي ذات أصل وشرف
ومكانة والمعنى أنه لا يخاف من الوقوع بها فإن ذات المنصب
يمكن أن تخرج نفسها وتخرجه من المشكلة ولا تخاف من إقامة الحدود
وهي أيضا ذات جمال فهي تدعوه بجمالها ..ولكنه قال :
إني أخاف الله رب العالمين فاستحق بهذا أن يستظل في ظلالله
يوم لا ظل إلا ظله وقد مر يوسف عليه السلام بمثل هذا الإبتلاء
مع امرأة العزيزفقال
( معاذ الله إنه ربي أحسن مثواي إنه لا يفلح الظالمون )
سورة يوسف ..
نسأل الله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يجعلنا وإياكم
من هؤلاء السبعة فلنحرص جميعا اخواني وأخواتي أن نكون
من هؤلاء السبعة الذين يستظلون بظل الله
فهذا الحديث
لا يقتصر على الرجال فقط بل يشمل النساء أيضا ما عدا في الولاية
والقضاء فالمرأة لاتتولى ولاية المسلمين ولاتكون قاضية لكن
ينطبق عليها العدل فيماتصح به ولايتها وكذلك التعلق بالمساجد
فالمرأة صلاتها في بيتها أفضل ..
والله أعلم
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
ارجو الدعاء لي بالثبات في الحياة و عند الممات
جزاكم الله كل خير
[/size]